Home تطوير ذات هل تحاول أن تغير من صفاتك السيئة؟

هل تحاول أن تغير من صفاتك السيئة؟

by admin

هل تحاول أن تغير من صفاتك السيئة؟

” لابد وأن نبلغ التغيير الذى ننشده”

جميعنا نحاول التغيير بدون أدنى شك ، إذ يرغب الأغلبية رؤية يومه وغده يعمه الحب والرحمة  والسماحة  والسلام  والكرم  والغفران، وللأسف لقد شاهد الكثير منا العديد من الأفعال البغيضة والإجرامية ، فحدثنا  أنفسنا قـائلين: ” ينبغى على هؤلاء الأشخاص تغـيير أنفسهم” كما رأيـنا أعمالا غير أخلاقية يشوبها الجشع، وكذلك أشخاصاً أنانـيين شريرين، وفضلا عن معايشتنا لنفاد الصبر، والمصلحة الشخصية، وافتقاد روح التسامح، فإننا نشعر بالتكدر والضجر، ونذكر أنفسنا دائما والآخرين بمدى السوء الذى آلـت إليه الأمور .

ولكن  لا يجب أن نطالب الآخرين بالتغيير، فى حين نحن نقاوم ذلك بشدة، لأننا نبرر غضبنا وشعورنا باليأس بقول “البادئ أظلم” أو إذا لم  يبدأوا  هم بالتغـيير فلن أبدأ أنا أيضاً ، وهذا ودون وعى منا ـ  ثم نستعين بمعايير مختلفة تماما للحكم على الآخرين، بدلا من استخدامها للحكم على أنفسنا.

وفى حقيقة الأمر، يتعين علينا – مثلما قال غاندى من قبل أن “التغير الذى ننشده” فإذا حلمنا بعالم أكثر سلاما، فيجب وأن

نتمتع به مع أنفسنا، وإذا نشدنا عالما دمث الأخلاق، ينبغى علينا أيضاً أن نتحلى بالأخلاق الكريمة، وكذلك أن نكون ودودين وطيبين، وكرماء. وأن نبادر بوقف هذه الحلقة المفرغة، وخاصة حينما يكون من الصعب القيام بذلك، إذ إننا بالعيش فى سلام مع أنفسنا، واتخاذ قرارات سليمة، نقوم بتوضيح إمكانية العيش فى سلام، أى نمهد الطريق للآخرين.

وبالرغم من سهولة توجيه الاتهام للآخرين فى أى عدد من القضايا، فإنه لمن العسير جدا التطلع إلى نفسك فى المراة والاعتراف بأنك جزء، لا يتحزأ من المشكلة، ولكن إقدامك على ذلك يعد خطوة هامة نحو تغيير العالم من حولنا، كما أن اعتزامنا النظر إلى نقائصنا وتسببنا فى المشاكل التى نواجهها أمر يعيننا على إدراك وسائل النفع العظيمة، ومن ثم نصير جزءاً من الحل.

إن إقدامنا على فحص أنفسنا من شأنه إعانتنا على إدراك إلى أى مدى تتضافر جهودنا معا، ولكننى لا أقترح بأى شكل من الأشكال أن نكون صارمين مع أنفسنا بالتركيز على عيوبنا ونقائصنا؛ فالأمر لا يتعلق بتصيد الأخطاء، وإنما بالأحرى إدراك أننا جميعا – مثلما قال زوبا اليونانى – نمثل الكارثة بأكملها – ، وبالنظر إلى أنفسنا بصدق وشفقة، نرى أننا نجمع بين الحسنات والسيئات داخلنا، ولنا جميعا نقاط ضعف ونقاط قوة، وعندما نعترف بذلك، نستطيع النظر إلى الآخرين بنظرة حيادية بريئة، ويصير فى إمكانك اكتساب التبصر والتسامح معهم.

فحينما تعرض آلاف الأبرياء فى أمريكا إلى الهجوم فى أحد أيام عام ٢٠٠١، كان يوما مفجعاً كأي يوم اخر فى التاريخ، إذ وجد معظمنا ممن أوصوا بانتهاج ما فعلته الأمم السالفة حيال العنف – كالمبادرة بالانتقام أو إغفال ما حدث لإتاحة الفرصة لتعميم السلام – أنه من المستحيل أن نقر بذلك تقائياً .

نحن لسنا مثاليين وجميعنا نرتكب الكثير من الأخطاء، ولكن أريد الثأر لأنفسنا” لطالما جرت تلك الجملة على ألسنة الحكماء وسديدي الرأي من الناس، كأنهم يلقون بجملة: “نعلم أننا لسنا مثاليين” لحض أنفسنا (أو إقناعها) على عزمنا الحقيقى وتأملها، ولكننا نصرف أذهاننا عن تلك الجزئية عندما يستحوذ علينا الشعور بالبغض والإحباط ، ولسوء الحظ أن متطلبات الشعور بالسلام والأمان فى أنفسنا وفى العالم المحيط أكبر من هذا بكثير، فالأمر أشبه بالفارق بين التفكير فى متعة أن تصبح بطلا أوليمبيا وكونك ذلك بالفعل.

إننى لا أدعى وجود حلول رائعة لدى الأسئلة العويصة التى تتناول كيفية التعامل مع العنف، ولكننى على دراية تامة بأن الكراهية والبغض – سواء بين الأمم أو الأفراد – لن تحل المشاكل، لذا يتعين علينا إيجاد وسيلة ما – جماعة وأفرادا – كى يسود الحب بيننا بصورة أكبر، وحتى يتسنى لنا ذلك، يجب وأن نتأمل نوازعنا تجاه نبذ أو قبول الغضب كحل حيوى للمشكلة، ولا تنطبق تلك الحكمة على المآسى المفجعة فحسب، بل أيضا على أمور الحياة اليومية الهامة، فكم منا – أو من معارفنا – قد مر بتجربة طلاق مؤلمة أو صراع على حضانة الطفل، فعلى الصعيد الشخصى، لقد شهدت بنفسى الكثير من الرجال والنساء يدعون أن شريك حياتهم السابق قد تغير للأفضل، على الرغم من استمرار سيطرة الشعور بالحنق والاستياء والمرارة على كيانهم بشكل تام، فكيف يتسنى لأى شخص أن  يتوقع إمكانية حث أى شعور بالغضب على استقبال الطرف الآخر له بسعة صدر؟ منتهى السخافة بالطبع، ولكننا جميعا نفعل ذلك.

وكيف لنا أن نظل ثائرين – مهما كانت الأسباب والمبررات –  ونطمع فى أن يعم السلام أرجاء الكون؟ فكل فرد فينا على قدر من

الأهمية، حيث إن المشاعر التى تختلج داخلنا، والإجراءات التي نقوم بها  تنتشر بيننا كالعدوى، فحينما نهاجم الآخرين، سيشعرون برغبة في الرد علينا بهجوم مماثل؛ حيث إن الشعور بالاستياء والضجر يبعث على التنفيس عنه بصبه على الآخرين، فلطالما اشتقت إلى استقبال أى شخص لحدة غضبى برد مهذب كقوله: “لقد أقنعتنى بتغيير أسلوبى وطريقة

تفكيرى” ولكن على النقيض، فإن شعورى بالريبة والتهكم والغضب  والإحباط يرد عليه بالمثل على الدوام.

“إن الكراهية لا تمحوها الكراهية المماثلة، ولكن الحب ، وهذا القانون غير قابل للتغيير ولا رجعة فيه”.

ولكن متى كان العنف والكراهية لا يولـدان مزيدا من العنف والكراهية؟ وهناك كثير من الأمثلة التى توضح كيفية إنهاء القوة والسيطرة للصراعات الحربـية بالطبع، ولكننى لا أتذكر مثالا واحدا اختفى فـيه الشعور بالغضب والكراهية والريبة.

وهكذا تتضح أهمية تلك القضية؛ حيث إن الكراهية والغضب هها جذور أعمال العنف، ولذا ينبغى علينا التخلص من أى شعور بهما إذا أردنا العيش فى عالم يسوده السلام، ولعلنا – كما هو واضح – نستطيع فرض السيطرة على أنفسنا فحسب، فيجب على كل فرد أن يبدأ بنفسه ، وحينما نصل للحد الذى نشعر فـيه بأرواحنا وقد غمرها شعور بالطيية والرأفة والسماحة، نكون قد صرنا أداة سلام، ونموذجا يحتذى به لما  يجب أن تكون عليه الأمور.

قد يكون من الصعب التسامح والغفران، ولكن الشعور بالغضب يسمم  أرواحنا ، حتى إنه قد قيل: “غالبا ما يكون الغضب أكثر ضرراً من مسببه نفسه وعلى المستوى الشخصي أدرك صدق هذه المقولة فلقد اعترانى شعور جارم بالغضب حـيال الآخرين ، وكنت شاعراً بالخيانة وعدم القدرة على التسامح إزاءها، لكن وبمرور الوقت، أدركت أن الألم الذى عانيته أثناء غضبي كان أشد وطأة مما قد أثار غضبي فى الأصل، إذ انتهت تلك الأفعال وأصبحت مجرد ذكرى، أما الغضب من ناحية أخرى، فيظل قابعاً داخلنا يوماً بعد يوم حتى نتغاضى عنه في نهاية الأمر.

ومتى شعرنا بالرضا والتسامح، سيزول الثقل الواقع على القلب إلى الأبد، ويخل محله شعور مطمئن بالسلام الداخلى، ، كما ورد على لسان روبرت موللر: “إن التسامح أسمى درجات الحب، وستحظى فى المقابل بسلام وسعادة لا حدود لهما”.

كان موللر بالتأكيد على صواب، فحينما أقرر قطع علاقتى ببعض الأشخاص نهائيا، أظل على علاقة دائمة بهم فى ذهنى، لذا فالتسامح التام أمر بالغ الأهمية، ولقد تعلمت مما سبق أن التسامح غالبا ما يبعث على شعور عارم بالسعادة أكثر مما قد يسفر عنه الخضوع للشعور تجاه الخيانة أو الإساءة، بل إن تأثيره لشديد الفاعلية أيضا.

 

0 comment
0

You may also like

Leave a Comment